شارك السيد محمد بنعليلو وسيط المملكة، في أشغال المؤتمر الدولي المنظم بباكو عاصمة أذربيجان، يومي 19 و20 أكتوبر 2022، حول موضوع "دور الأمبودسمان والمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان في حماية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية"، ودعا في كلمة ألقاها بهذه المناسبة إلى إعطاء دينامية أكبر لعمل الوسطاء باعتبارهم آلية مؤسساتية مهمة للدفاع عن الحقوق، ونقلها من حالة السكون إلى حالة الحركة، ومن صيغة المثل العليا المتوافق عليها في نطاق الشرعية الدولية لحقوق الإنسان إلى فعلية هذه الحقوق، من خلال الحرص على أن تتجسد واقعيا في شكل ممارسات ارتفاقية تستجيب للاحتياجات الأساسية لحياة كريمة لكل المواطنين، وذلك عبر إعمال مختلف الصلاحيات المؤثرة في القرارات التدبيرية ذات الصلة بهذه الحقوق، من أجل خلق أفق أرحب للتطلعات المجتمعية؛
كما طالب بإقرار نوع من التحول في عمل الأمبودسمان بأن تُبنى استراتيجيات التمكين الحقوقي على منطق مندمج يجعل خلاصاته متآزرة، تندمج فيها نتائج التحقيقات المرتبطة بالتظلم الفردي مع نتائج أنشطة الرصد العام ذات البعد الجماعي، لا أن تقتصر على مبتغى الاستجابة للتظلم في سياق منعزل فقط.
وأكد وسيط المملكة في كلمته، على أن آلية المبادرة التلقائية في عمل الوسطاء تعتبر أساس فكرة كون " الأمبودسمان هو صوت من لا صوت له"، باعتبارها وسيلة مهمة للتوجيه اللازم للتعامل مع بعض الممارسات التي تكيف على أنها إخلالات حقوقية مؤثرة في حياة المواطنين اليومية، خاصة
عندما تنضاف إليها أيضا عملية الرصد المتمثلة في متابعة وتقييم الأداء الارتفاقي للسلطات العمومية، وفي جمع البيانات ذات الصلة وتحليلها، ووضع المؤشرات النوعية والكمية للتقييم، سواء في المجالات التي تستدعي تحقيق نتيجة أو حتى في تلك التي تتطلب بذل عناية فقط.
ولأن إعمال الحقوق الاقتصادية والاجتماعية محمول في الغالب على التدريج، لأسباب مختلفة، أكد السيد محمد بنعليلو على ضرورة استحضار متطلبات الاستقلالية وما تمنحه لمختلف هذه المؤسسات من حرية التصرف في تفسير وتنفيذ الولايات المسندة إليها، والتي يتعلق جلها، بطريقة أو بأخرى، بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية.
وفي معرض تقديمه للتجربة المغربية، اعتبر السيد محمد بنعليلو، أن موضوع الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، يشكل مكونا أساسيا من مكونات مجال اشتغال مؤسسة وسيط المملكة، باعتباره رافدا مهما من الروافد التي من شأنها إضافة مكتسبات مهمة لمساحات الفضاء الحقوقي الوطني، كما قدم خلاصات معالجتها للتظلمات من زاوية تكييفها الحقوقي وفي علاقتها بالفئات الاجتماعية المعنية بالدراسة، معتبرا أن آليات التوفيق المتوفرة لوسيط المملكة تشكل إحدى الآليات المهمة لإنهاء الاختلال، وبالتالي لا ينبغي أبدا استبعاد الحلول التوافقية ومبادرات التسوية، لأن النتائج المتوصل إليها عبر حلول انتصاف مبتكرة قائمة على مبادئ العدل والإنصاف، تتسم في كثير من الأحيان ببعد المدى وبقدرتها على توجيه النقاش العمومي لجعل الحقوق واقعاً ملموساً.
وفي نهاية كلمته أكد السيد محمد بنعليلو، على أن حماية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية في عمل الوسطاء، هي الطريق الأقرب نحو مستقبل مراقبة صنع وتنفيذ السياسات العمومية التدبيرية بحمولة حقوقية وتنموية، من خلال إعادة رسم العلاقة بين هذه الحقوق وحكامة الأداء الارتفاقي، وبالتالي عبر إيجاد ممارسات مبتكرة مرتكزة على ضمان التمتع الفعلي والتدريجي بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية، والمساهمة في مكافحة الاقصاء الحقوقي والتهميش الاجتماعي.